مقتل بزر جمهر- خليل مطران

مقتل بزر جمهر

خليل مطران

[b]1- يا يومَ قتلِ بزَرْجمهرَ وقد أتَوْا **** فيه يلبّون النّداءَ عِجالا
2- متألّبين ليشهدُوا موتَ الّذي **** أحيا البلادَ عدالةً ونَوالا
3- يبدون بشراً والنفوسُ كظيمةٌ **** يجفلْنَ بين ضلوعهم إجفالا
4-وإذا الوزيرُ بزرجمهر يسـوقُه **** جلاّدُه متهادياً مُختــالا
5-وتروح حولهما الجموعُ وتغتدي**** كالموج وهو مدافعٌ يتتالى
6- سخطَ المليكُ عليه إثرَ نصيحةٍ **** فاقتصَّ منه غوايةً وضلالا
7- ناداهم الجلاّدُ هل من شافعٍ **** لبزَرجمهرَ فقال كلٌّ لا. . لا
8-وأدار كسرى في الجماعةِ طَرْفَهُ **** فرأى فتاةً كالصّباحِ جمالا
9- فأشار كسرى أن يُرى في أمرها**** فمضى الرّسولُ إلى الفتاة وقالا
10- مولايَ يعجبُ كيفَ لم تتقنّعي **** قالت له: أتعجباً وسؤالا ؟!
11- فارجعْ إلى الملكِ العظيمِ وقل له: **** مات النّصّيحُ وعشْتَ أنعمَ بالاً
12- انظرْ وقد قُتلَ الحكيمُ فهل ترى ***** إلا رســــــــــــوماً حولَه وظلالا
13- ما كانت الحسناءُ ترفعُ سترَها ***** لو أنّ في هذي الجموعِ رجالاً[/b]*************************************************
فكرة قصيدة مقتل بزرجمهر :
تتناول القصيدة نموذجاً من نماذج الاستبداد والبغي، حيث يقوم كسرى بقتل وزيره بزرجمهر، والسبب هو قول الحق والعدل الأمر الذي أغضب كسرى فقرَّر قتل وزيره أمام الجموع الحاشدة، تلك الجموع المحزونة على مقتل الوزير العادل ولكنَّها صامتة خانعة لا تجرؤ على التفوه ولو بكلمةٍ واحدةٍ، إلاَّ فتاةً حسرت عن رأسها خلافاً على ما هو معتاد من النسوة آنذاك من ستر رؤوسهنَّ بالخمار، وإذ يسأل كسرى الفتاة عن سبب فعلتها تعلن وبجرأةٍ أنَّ الرجال قد انقرضوا في زمان البغي والاستبداد !!!

************************************************

شرح أبيات قصيدة (مقتل بزرجمهر) :

1- يا يومَ قتلِ بزَرْجمهرَ وقد أتَوْا **** فيه يلبّون النّداءَ عِجالا

في هذا اليوم يوم قتل الوزير العادل بزرجمهر إنَّه اليوم الذي نادى المنادي ليجتمع الناس ، وقد أقبل الناس كلهم لتلبية النداء مستعجلين

2- متألّبين ليشهدُوا موتَ الّذي **** أحيا البلادَ عدالةً ونَوالا

وترى الناس في قلقٍ واضطرابٍ وقد أقبلوا ليروا بأعينهم مقتل الوزير الذي كان عهده عهد العدل والعطاء والسخاء ..

3- يبدون بشراً والنفوسُ كظيمةٌ **** يجفلْنَ بين ضلوعهم إجفالا

وترى ظاهرهم خلاف باطنهم ، فهم أمام الخلق يظهرون السعادة والسرور ولكنَّ النفوس من أعماقها غاضبةٌ قلقةٌ تكاد تتلظَّى ناراً من بين الضلوع.

4-وإذا الوزيرُ بزرجمهر يسـوقُه **** جلاّدُه متهادياً مُختــالا

ويظهر الجلاَّد وهو يدفع أمامه الوزير بزرجمهر دفعاً مصفَّداً بأصفاده وهذا الجلاَّد يظهر التكبُّر والغرور والخيلاء ...

5-وتروح حولهما الجموعُ وتغتدي**** كالموج وهو مدافعٌ يتتالى

ويبدو مشهد الناس لكثافة حضورهم كأنَّما هم أمواج بحرٍ هائجٍ متلاطمٍ يوشك أن يبتلع كلَّ ما حوله .

6- سخطَ المليكُ عليه إثرَ نصيحةٍ **** فاقتصَّ منه غوايةً وضلالا

غضب عليه الملك كسرى لأنَّه قدَّم له نصيحةً وهو ما رفضه فكانت العقوبة والقصاص ظلماً وبغياً وضلالاً .

7- ناداهم الجلاّدُ هل من شافعٍ **** لبزَرجمهرَ فقال كلٌّ : لا. . لا

وصاح الجلاَّد بالجموع : هل من معترضٍ منكم ويريد أن يشفع للوزير بزرجمهر فصاحت الجموع بصوتٍ واحدٍ : لا ... لا .

8-وأدار كسرى في الجماعةِ طَرْفَهُ **** فرأى فتاةً كالصّباحِ جمالا

وجلس الملك كسرى وقلَّب عينيه في الجموع المحتشدة فرأى من بينهم فتاةً رائعةَ الجمال وقد حسرتْ عن رأسها ليبدو جمالها ...

9- فأشار كسرى أن يُرى في أمرها**** فمضى الرّسولُ إلى الفتاة وقالا

فطلب كسرى من الحرَّاس أن ينظر في أمر هذه الفتاة الحسناء ، فجاءها رسول الملك كسرى وسألها ..

10- مولايَ يعجبُ كيفَ لم تتقنّعي **** قالت له: أتعجباً وسؤالا ؟!

مولاي كسرى يتعجَّبُ لماذا كشفْتِ عن رأسكِ ؟ فقالت له الفتاة : لماذا التعجب ولماذا السؤال ؟

11- فارجعْ إلى الملكِ العظيمِ وقل له: **** مات النّصّيحُ وعشْتَ أنعمَ بالاً

عدْ إلى مولاك العظيم وأخبره : لقد هلك العادل الناصح وبقيْتَ وحدكَ تحيا هانئ البال قرير العين .

12- انظرْ وقد قُتلَ الحكيمُ فهل ترى ***** إلا رسوماً حولَه وظلالا

تأمَّلْ في هذه الجموع الحاشدة وقد هلك الحكيم الناصح فلن ترى من حولك إلاَّ دياراً متهدمةً وخيالاتٍ هالكةً ...

13- ما كانت الحسناءُ ترفعُ سترَها ***** لو أنّ في هذي الجموعِ رجالاً

لم تكن الفتاة الحسناء ترفع الستر عن وجهها ورأسها لو وجدت في هذه الحشود رجلاً واحداً ..