الجنة والنار: هما العاقبة التي لا بد أن تنتهي إلى إحداهما حياة الإنسان فأحدهما المصير الأخير الدائم أما الجنة: في الأصل البستان من النخل أو الشجر وهي مأخوذ من جنَّ إذا ستر وسميت بذلك لأن نخيلها الباسقات وأشجارها المورقة تلتف أعضائها بعضها ببعض فتكون كالظلة تستر ما تحتها.
والمقصود بالجنة هنا الدار التي أعدها الله للمؤمنين جزاءً لهم على إيمانهم الصادق وعملهم الصالح وهي خالدة لا تفنى وكذلك أهلها وعرضها كعرض السماوات والأرض.
نعيم الجنة: وصف الله الجنة في القرآن الكريم وأكثر من وصفها ترغيباً بها فأخبرنا بأن نعيمها دائم وسرورها لا ينفد وكل ما فيها بغير حساب فأنهارها كثيرة من ماءٍ غير آسن وأنهار من لبن وأنهار من خمرٍ لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى وهذه الأنهار تجري من تحت القصور وفيها الفواكه ولحوم الطيور والطعام والشراب يطوف بهم خدم من الوالدان إذا رأيتهم حسبتهم لفرط جمالهم لؤلؤاً منثوراً وهؤلاء الولدان يحملون صحافاً وأواني من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ولباس أهلها حرير من سندس وإستبرق وحليتهم الذهب ومساكنهم طيبة وهي غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار، وأصحاب الجنة هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك يتكئون، والزوجات ينشئهن الله إنشاءً كواعب أتْراباً وينشئ معهن الحور العين مطهرة من عيوب نساء الدنيا فلا حيض ولا نفاس ولا دمامة خَلْقٍ أو سوءَ خُلُق وأهل الجنة نزع الله من صدورهم الغل أخواناً على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين ولا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً وإنما يسمعون تقديس الله وإجلاله وسلام الله على المؤمنين وسلام بعضهم على بعض وسلام الملائكة عليهم، وهذا النعيم المذكور جاء على مثال ما هو معروف في هذا العالم الأرضي وإن كان أرقى منه نوعاً وشكلاً وطعماً وحقيقته فوق ما يتصوره البشر.
روى البخاري قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر أقرءوا إن شئتم: «فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين») وأعلى نعيم في الجنة هو رؤية الله سبحانه وتعالى.
النار: هي الدار التي أعدها الله للكفار جزاءً لهم على كفرهم ومخالفة أمر الله عز وجل وهي خالدة لا تفنى.
أهوال جهنم: قد وصفها الله في كتابه وصفاً تشيب منه النواحي وتتخلع منه القلوب كي يرتدع الغاوون عن غيهم فذكر أنَّ لها سبع دركات: جهنم ولظى والحطمة والسعير و سقر والهاوية وأن أهلها يتلاومون وأنهم يلقون في أماكن ضيقة وهم مقيدون في الأصفاد مكبلون بالسلاسل والأغلال وجهنم مليئة بالأودية وفيها الحيَّات والعقارب وأن وقودها الناس والحجارة وأنها لا تشبع مما يلقى فيها بل تطلب المزيد دائماً وطعام أهلها الزقوم وهي شجرة من أخبث أنواع الشجر المر المنتن الرائحة ويأكلون الغسلين وهو ما تجمع من عصارة أهل النار و ضريع وهو شوك مرٌ جداً حتى أنهم يستغيثون يريدون الشراب فيسقون من الحميم وهو ماء حار جداً يصهر ما في البطون ويقطع الأمعاء ويشربون من الصديد وهو ماء كدِرٌ ويشربون ماء المهل وهو ماء ثخين يشوي الوجوه من حرارته والعياذ بالله تعالى وثياب أهلها من نار وهو غطاؤهم وفراشهم وكلما أكلت النار جلودهم بدلهم الله جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب ومن شدة الهول وقسوة العذاب يود المجرم أن يفدي نفسه بكل حبيب لديه وعزيز لدية قال تعالى: {يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه} ونار الدنيا جزءٌ من سبعين جزءٍ من نار الآخرة و(أهون الناس عذاباً من له نعلان وشِراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المِرْجَل ما يرى أحداً أشدُّ منه عذاباً وإنه لأهونهم عذاباً). البخاري ومسلم وأهل جهنم لا يموتون فيستريحون ولا يحيون الحياة الهنيئة وأشد عذاب أهل النار أنهم محجوبون عن ربهم، والمؤمن لا يخلد في النار: فإن كان قد ارتكب بعض الكبائر ولم تُكَفَّر بحد أو توبة نصوحة أو مصيبة أو مرض أو شيء من المكفرات فهو محاسب على عمله والله يوازن بين أعماله الصالحة ومعاصيه فإن تساوت أو رجحت الطاعات دخل الجنة وإلا دخل النار فيعذب فيها بقدر ما ارتكب من إثم ثم يخرج منها بعد أن يكون تطهر من المعاصي.