الأميرة الطائية القادمة من عمق البادية السورية .(1920-1978)
الظواهر الطبيعية البارزة والملفتة للنظر بروز شخصيات فذة على فترات متقطعة متباعدة أو متقاربة من الزمن ، ولقد كان بروز الشيخة عنود النايف العبد الرحمن الطائي إحدى تلك الظواهر . برزت وسطع نجمها في أيام ليست بالبعيدة بالنسبة لنا.لقد كانت مؤهلة لذلك البروز، كانت مؤهلة في ذاتها وشخصها ، وكانت مؤهلة في البيئة التي نشأت فيها ، واكتمل كل ذلك لها بزواجها من الأمير فارس المحمد العبد الرحمن أمير قبيلة طي أنذاك حيث تمرست من خلاله على المشاركة والمشاورة قي إدارة شؤون قبيلتها طي العربية مما جعلها مؤهلة مستقبلاًللمشاركة الفاعلة في إدارة شؤون الحكم ومسؤولياته لقبيلة طئ بوجود شقيقها الأمير عبد الرزاق النايف الطائي بعد وفاة الأمير الثائر فارس الطائي . وتبدو الشيخة عنود كأنها واحدة من الأساطير، وما أكثر الأساطير القديمة التي توارثها البشر في ذلك الزمان من مختلف الجهات والشعوب، من الشرق ومن الغرب.
كانت عربية الأصل قوية الشخصية، تتحلى بتربية عالية، لاتهاب مجالس الرجال لاتتراجع في القرار الذي تتخذه مهما كانت النتائج محط مهابة واحترام من كل أفراد قبيلتها والقبائل المجاورة والسلطات في حينها طموحة وذات رؤوية مستقبلية للإحداث في المنطقة في ذلك الوقت من صرا عات قبليةوأحداث سياسية، حيث شاركت بشكل فاعل في كل تلك الصراعات ، .فهي امرأة ليست كالنساء، عاشت عظيمة وتوارت عظيمة أيضاً، إنها نموذج رائع للبشر يستحق منا الدراسة والبحث، ولهذا كله أجري هذا البحث المتواضع .
نسبها عنودالنايف العبد الرحمن الحسن الحسين( والد الأميرة الطائية عمشة الحسين الذي كتب عنها المستشرقون والرحالة الأجانب مثل الليدي آنا بلند وهنري ليارد وغيرهم ) العبدلله العسافي الطائي
صفاتها:
كانت غزيرة المعارف ، حنطية البشرة جسدت شخصية المرأة العربية الفارسة والقائدة في عمق البادية السورية
شيخة جليلة ذات رأي وحكمة وعقل وسياسة ودقة نظر وفروسية وشدة بأس وجمال . فهي حنطية اللون قوية اللحظ وكانت الهيبة والجمال والعظمة تلوح على وجهها وصوتها قوياً وجهوراً، وجسمها ضخماً صحيحاً سالماً ، وكانت الابتسامات لا تفارقها، فعاشت بعظمة أميرية فكانت ترتدي نوع من اللباس يدعى (بنيش) وهو عبارة عن لباس طويل مصنوع من الجوخ ذا خرج له جيوب وعباءة رجال وتغطي رأسها بغطاء أبيض تحمل مسدس نوع ويبلي بكرة بشكل دائم وتلبس ثوباً عادياً عبارة عن ثوب صيفي وعباءة ومسدسها كذلك صيفاً وكثيراً ما كانت تترك ذراعها من العباءة وتحمل في بعض الأحيان سيفاً.
دورها في الحياة الأحتماعية:
كانت عنود زوجة لفارس سيخ قبيلة طئ آنذاك الذي امتدت سلطته على قبيلته من ثلاثينيات القرن السابق حتى وفاته في أواخر الأربعينيات من نفس القرن أثر حادث سير ولما قتل زوجها الأمير فارس انتقلت المشيخة إلى شقيقها الأمير عبد الرزاق النايف الطائي والتي شاركته الحكم بشكل فاعل بغية الحفاظ على القبيلة وميراث ولدها الوحيد الشيخ محمد الفارس الطائي عضو مجلس السعب السوري لدورتين شاركت في الصراع القبلي حينها بين قبيلتها طئ والقبائل المجاورة وكان لها الدور الأبرز في شحذ همة المقاتلين وتزويدهم بالذخيرة الكافية حيث سادت في تلك الفترة صرا عات قبلية بسب التزاحم على تثبيت الحدود الجغرافية لتلك القبائل كذلك حافظت ونمت أملاكها وكانت تمتلك إلى جانب عقليتها القيادية عقلية تجارية كذلك حيث ابتنت منزلا فخما@ في وسط مدينة القامشلي (السبع بحرات ) لازال بعد تحديثه قبل سنوات كذلك منزلين الأول في دمشق حي المزرعة والأخر في حلب محطة بغداد وعدد من السيارات الحديثة في حينه كذلك قامت بحفر عدة آبار سقي للمزروعات في قريتها أبوخز ف وتل معروف وغيرها وأدخلت الآلات الحديثة للزراعة شاركت الطوائف المسيحية في المحافظة في كل المناسبات وكانت محط تقديرهم واحترامهم وكانت تتواصل مع رجالات الدين المسيحي مثل المطران أفرام بطرك السريان والبطرك زكا الأول وكانت تساهم في حل مشاكل أبناء الطوائف المسيحية مثلما تفعل مع أبناء قبيلتها والعشائر الأخرى في المنطقة.تميزت بكرمها مع الجميع دون استثناء لعرق وطائفة وخاصة في مساعدة الفقراء وتوزيع الصدقات وإقامة الولائم في المناسبات الدينية ومساعدة الشباب على الزواج. امتلكت الشيخ عنود عدد من مرابط الخيول العربية الأصيلة منها: كحيلات – الجد رانيات –ريشة –حمداني –مرزقانية.
-دورها في الحياة السياسية: شاركت في الحياة السياسية في الخمسينات من هذا القرن وخاصة في خوض الانتخابات البرلمانية حيث شجعت ودعمت ترشح شقيقها الشيخ عبد الرزاق النايف إلى الدور البرلماني الأول عام 1954والدور الثاني كذلك ودفعت في عام 1972 بولدها الشيخ محمد الفارس عضو مجلس الشعب الحالي إلى الترشح لانتخابات الإدارة المحلية. شاركت في كل المناسبات الوطنية في حياتها مشاركة قوية وفاعلة. وربطتها علاقة حسنة مع كل السلطات حينها حيث كانت من المرجعيات الهامة في تلك الحقبة السياسية في المنطقة.
زارت الدول التالية في حياتها: العراق –القدس الأقصى ومناطق أخرى في فلسطين -الأردن الديوان الملكي –السعودية – مصر –لبنان –تركيا.
النهــــاية:
توفيت الشيخة عنود في آواخر عام 1978 م وفاة طبيعية في منزلها فكانت حقاً أمراة عظيمة وأصبحت فيما بعد مضرباً للمثل القائل والدارج في الجزيرة (صايرة الشيخة عنود)
اعداد-جلال السفان الطائي
__________________
الجمعة فبراير 05, 2010 3:51 pm
