نار الغيرة

نار الغيرة
ارتابت الزوجة في أمر زوجها المدرس الذي أصبح يهتم بملابسه ويعطّر نفسه قبل الخروج وقضائه معظم الوقت خارج المنزل متعللا بأنه يعطي الدروس الخصوصية، حوارهما معا أصبح مستحيلا وإذا حدث فغالبا ما ينتهي بمشاجرة تتهمه خلالها بأنه لابد أن يكون على علاقة بامرأة أخرى، أرادت أن تحرق قلبه بنار الغيرة وترد له الصاع صاعين...
فاحترقت هي بالفراق الذي فرضه عليها زوجها عندما طلقها ليتخلص من زوجة خانته مع أعز أصدقائه. حاولت أن تؤكد له أنها مجرد حيلة لجأت إليها لتعيده إلى عشهما لكنه ظل على موقفه ورفض إعادتها إلى عصمته فلجأت لمحكمة الأحوال الشخصية تطالب بنفقتها ومؤخر الصداق لكنه دفع بأنه لا حق لها على اعتبار أنها زوجة خائنة.


جمع الحب بين سامح وجارته نهلة لمدة عدة سنوات لا يعرف عددها بالتحديد فالحب نشأ بينهما منذ صباهما، كان كل هم سامح أن ينهي دراسته الجامعية في أسرع وقت فذاكر واجتهد حتى حصل على بكالوريوس التربية بتقدير عال أهّله للحصول على العمل سريعا في إحدى المدارس الخاصة، وفي خلال عامين تمكن من تدبير ثمن الشبكة وعلى الفور أسرع وتقدم لطلب يدها حتى يحظى بحبيبة القلب التي رحبت أسرتها به فجميع أفراد الأسرة يعرفونه ومتأكدون من حسن أخلاقه وتربيته كما أن دخله الشهري من الدروس الخصوصية يسيل له اللعاب، تمت الخطبة وعاش الخطيبان أسعد أيام حياتهما لا يفترقان ويقضيان معظم وقتهما معا وفي خلال عام واحد تم الزواج وساعدهما في ذلك امتلاك سامح شقة في منزل والده ساعدته والدته في تأثيثها، انتهت أيام العسل سريعا وعاد سامح لعمله وفي كل يوم تنتظر زوجته عودته بفارغ الصبر وكلها شوق له فهو يمثل لها الحبيب والصديق وكل شيء في الحياة، لكن سامح كان يعود مرهقا من عمله فمهنة التدريس شاقة وتحتاج إلى مجهود كبير ليثبت وجوده فيها وبالفعل اكتسب سامح ثقة تلاميذه وأصبح مطلوبا للعمل في بعض مراكز الدروس الخصوصية مما زاد من فترات غيابه عن المنزل وعن زوجته، وطلب سامح منها أن تشغل وقتها فلجأت لطبيب أمراض النساء لتعجل من إنجابها وبالفعل حدث الحمل بعد تناولها بعض المنشطات، أنجبت نهلة طفلا اعتقدت أنها ستنشغل به عن زوجها لكن حبها الكبير لهما جعلها تنظم وقتها بينهما، زادت المسؤوليات على سامح فزاد من الأوقات التي يعطي فيها الدروس الخصوصية وبالتالي زادت فترات غيابه عن المنزل وأصبح يدرس لطالبات المرحلة الثانوية فازداد العائد المادي الذي يحصل عليه، أدرك سامح أن مظهره جزء مهم من عمله فاهتم بمظهره وأصبح يجدد في ملابسه ويشتري أحدث الأزياء، لاحظت الزوجة اهتمام زوجها بهندامه وغيابه لفترات طويلة خارج المنزل ظنت أن في الأمر امرأة أخرى أو ربما تكون إحدى تلميذاته فاشتعلت نار الغيرة بداخلها وحاولت أن تتناقش معه لكنه لم يعطها الفرصة فهو يعلم أنها تفتعل بعض المواقف لتثير اهتمامه بها لكنه غاية في التعب وليس بحاجة إلى دلع ودلال زوجته، زادت شكوك نهلة بسبب إهمال زوجها لها فأرادت أن تذيقه من الكأس نفسه وأن تشعل نار الغيرة بداخله حتى يعود إليها الحبيب الولهان.

أخذت تبحث عن الطريقة التي يمكن أن تثيره بها فترة طويلة بسبب عدم عملها وبعد تفكير طويل اهتدت إلى صديق طفولته والذي باعدت بينهما مشاغل الحياة فاتصلت به وطلبت منه الحضور سريعا لأمر مهم وعندما وصل أخبرته بشكوكها في وجود امرأة أخرى في حياة زوجها وطلبت منه أن يخبرها بالحقيقة لكنه أكد لها أنه لا يعلم أي شيء عما تتحدث عنه فطلبت منه التدخل بشرط ألا يخبر زوجها بلجوئها له وأكدت له أن موعد عودة سامح اقترب فانتظره. عاد الزوج وفوجئ بصديقه في منزله وزوجته تستضيفه وهي في كامل زينتها ومع ذلك فإن ثقته في زوجته وصديقه طغت على دهشته من وجودهما بمفردهما معا وابنهما نائم، ولكنه فوجئ بصديقه يسأله عن علاقاته النسائية فقد نجحت نهلة في زرع شكوكها بداخل صديق زوجها لكن الزوج نفى كل هذه الشكوك وأكد له أنها مجرد خيالات من زوجته الغيور، انتهى الموقف وانصرف الصديق ولم يعاتب الزوج زوجته على استقبال صديقه في غيابه مما دعا الزوجة لأن تتمادى في خطتها من دون أن تنتبه إلى أن كل شيء إذا زاد على حده انقلب إلى ضده. أجادت تمثيل دور المرأة التي تخون زوجها، توالى وجود الصديق في غياب الزوج حتى دبت الشكوك بداخله فترك عمله وتفرغ ليكون في منزله ويراقب زوجته ليعرف مدى علاقتها بصديقه وأهمل عمله وكره زوجته وأصبح لا يطيق الحديث معها في حين أنها شعرت بالسعادة لنجاح خطتها ووجود زوجها معها في المنزل، ضاق الزوج من استضافة زوجته لصديقه أثناء عدم وجوده واهتمامها الشديد به وفي كل مرة تتعلل بحجة مختلفة تبرر بها زيارة صديقه، لم يجد الزوج أمامه سبيلا سوى التخلص من شكوكه بإنهاء هذه العلاقة التي ستفقده عقله وتصيبه الجنون فقرر التخلص من زوجته الخائنة فطلقها وفوجئت نهلة بطلاقها، حاولت أن تفهم السبب رغم أن السبب كان واضحا فقد زادت من جرعات إثارة زوجها حتى جاءت بنتيجة عكسية، حاولت من دون جدوى إقناعه بأن ما حدث كان مجرد طريقة لتعيده بها إليها وأنها لم تتوقع أبدا أن الأمور ستتطور لكن الزوج صم أذنيه ورفض أن يسمع أي شيء ورفض زوجته إلى الأبد إن كانت خائنة أو حتى إن كانت جعلت منه لعبة تتحكم فيها وأصر على عدم عودتها إلى عصمته على الرغم من تدخل الأهل والأقارب.

في نهاية الأمر قررت نهلة أن تلجأ لمحكمة الأحوال الشخصية لتضمن حقوقها الشرعية فأقامت دعوى تطلب حقها في النفقة ومؤخر الصداق على اعتبار أن زوجها طلقها غيابيا من دون رضاها لكن الزوج حاول أن يثبت أنها خانته مع أعز أصدقائه لكنها وقفت أمام هيئة المحكمة ومن بين دموعها أقسمت أنها لم ولن تخونه ولم تحب سواه وأن ما فعلته كان بدافع الغيرة، عرض القاضي عليهما الصلح لكن سامح أصر على الطلاق لأن زوجته جعلت منه أضحوكة أمام صديقه إذا سلم أنها لم تخنه، وفي النهاية حكمت لها المحكمة بنفقة متعة قدرها 20 ألف جنيه وقالت في الأسباب إنه لا يجوز حرمان الزوجة من حقها في المتعة مادام الزوج عاجزا عن إثبات خيانتها له.