من النضال السياسي لقبيلة طي في الجزيرة السورية

ثورة بياندور

لم يتوقف كتاب الثورات السورية مطولا عند ثورة بياندور تلك القرية الواقعة في ناحية القحطانيةأعمال القامشلي في الجزيرة السورية والتي جرت أحداثها عام -1923-فتناولها الكتاب بكثير من السطحية دون الغوص في عمق حقيقتها وتحليل أسبابهاودوافعها لذلك تستحق منا ثورة بياندور تسليط الضوء عليها من حيث الدوافع والتفاصيل .
أثناء دخول القوات الفرنسية إلى سورية أسست في قرية بياندور في الجزيرة السورية قاعدة عسكرية بقيادة الكابتن الفرنسي آنذاك (روكان )حيث

عرف هذا القائد بأخلاقه السيئة في تعامله مع أبناء المنطقة من قبيلة طئ العربية وعشيرة الشيتية الأكراد فكان يطلب بين الحين والأخر طلبات لا تنسجم مع سلوكيات أبناء المنطقة مما يجعله يتصرف برعونة وبطش حيث أقدم على إعدام سليمان عباس من وجهاء الشيتية فكانت تلك الحادثة الشرارة الأولى في إشعال ا لثورة ضد روكان وخاصة من قبل الشيخ محمد العبد الرحمن شخ قبائل طئ العر بية آنذاك الذي ناصب فرنسا العداء بالاأضافة إلى عشيرة الشيتية الأكراد انتقاما لمقتل وجيههم مما أضطر الفرنسيين إلى نفي الشيخ محمد العبد الرحمن بالقوة إلى جزيرة أرواد قبالة طرطوس على ساحل الحر الأبيض المتوسط عقابا له على مواقفه الوطنية ولكنه ظل رغم ذلك عاملا مهما في ولادة ثورة بياندور مجمل تلك الأحداث دفعت بروكان بالرحيل باتجاه منطقة المالكية على نهر دجلة لإقامة قاعدة عسكرية هناك فوصل إلى المالكية وأسس معسكر قرب قرية (باب الحديد) إضافة لمطار حربي وثكنة للمدفعية عند قرية الشمام استغل هذا الوضع حاجو آغا من الأكراد فهاجم قاعدة بياندور الفرنسية بمشاركة من فرسان قبيلة طئ الجوالة وغنم مافيها وفر برجاله إلى منطقة الجبال بتركيا خوفا من بطش الفرنسيين به.
تسارعت الأحداث بعد ذلك ليقرروا أبناء طئ الثورة على روكان وبدؤا بتحديد مكان لقاء العدو في أعلى منطقة من الجهة الشرقية للقحطانية تسربت المعلومات عن الثورة فقرر الشيخ مثقال العاصي الجربا من شيوخ قبيلة شمر العربية مهاجمة الحامية الفرنسية أثناء عودتها من المالكية إلى بياندور وحصل ذلك ولكن روكان تابع مسيره تجاه بياندور ووصل إلى مشارفها فباغته فرسان قبيلة طئ الجوالة الواصلين إلى شرق محطة المحروقات الشرقية تتبعهم فرقة الخيالة عندها أدرك روكان أن المعركة حتمية فتبادلوا النار مع الفرسان بكثافة مما أضطر إلى انقسام الفرسان إلى قسمين إلى الشمال والجنوب فأصبحت منطقة رمي العدو واسعة ثم أطبقوا عليه من الجهتين وانتهت المعركة بمقتل القائد الفرنسي روكان وعدد من رجاله وغنم الثائرون العتاد والركائب وأستشهد في المعركة من فرسان طئ كل من : مطر الحبيب – غثيث الكرو –طعمة الكرو –عباس الهلو – محمد الحرو – محمد القتر –رحيل الرسم – خليف الدندل – أحمد الجربوع وعلى أثر ذلك اتجهت عشائر طئ شمالا تحسبا لانتقام الفرنسيين اللذين قصفوا الموقع بالطائرات والمدفعية .
سمع المندوب السامي بدمشق بأحداث بياندور فأمر بإحضار الشيخ محمد العبد الرحمن شيخ قبائل طئ من منفاه في أرواد وأخبره بحضور الشيخ مجحم ابن مهيد شيخ عشائر عنزة العربية بما فعله أبناء قبيلة طئ وطلب منه تهدئة قبيلته الثائرة و أفرج عنه على الفور فرح الشيخ محمد العبد الرحمن الطائي بتلك الأخبار وصاح منتخيا (المعن ) وهي نخوة قبيلته وعند عودته إلى مضارب طئ أستقبل بالأهازيج وألقى الشاعر الصوفي مطوري قصيدة قال فيها :
تشاكلوا روكان مثل العجابين من البحر جبناك بخشومهنا
لو تنشرا برجال جبناك جمعين وأنت تخبر جموعنا ليحضبنا
يافارس الفرسان ياابن الأصيلين نسل الصكور بالفعل يذكرنا
ولازالت ثورة بياندور حدث مهم في تاريخ الثورات السورية ضد الاستعمار الفرنسي آنذاك يتفاخر بها أبناء الجزيرة عربا وأكراد.
إعداد : جلال السفان الطائي